كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



98 وقوله جل وعز: {ان الله لا يظلم مثقال ذرة} أي وزن ذرة يقال هذا مثقال هذا أي وزن هذا ومثقال مفعال من الثقل والذرة النملة الصغيرة.
وروى عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان ثم قال أبو سعيد ان شككتم فاقرؤوا {ان الله لا يظلم مثقال ذرة}.
99 ثم قال جل وعز: {وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} قال سعيد بن جبير يعني الجنة ومعنى يضاعفها يجعلها أضعافا وقرأ أبو رجاء العطاردي يضعفها. ومعنى من لدنه من قبله.
100 وقوله جل وعز: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} في الكلام حذف لعلم السامع والمعنى فكيف تكون حالهم إذا جئنا من كل أمة بشهيد وفي الكلام معنى التوبيخ قال عبد الله بن مسعود قال لي النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ علي فقلت آقرأ عليك وعليك أنزل فقال نعم فقرأت عليه من أول النساء حتى بلغت إلى قوله: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} فرأيت عينيه تذرفان.
وقال شهيدا عليهم ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم.
101 وقوله جل وعز: {يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض} وقرأ مجاهد وأبو عمرو {لو تسوى بهم الأرض} فمن قرأ تسوى فمعناه على ما روي عن قتادة لو تخرقت بهم الأرض فساخوا فيها وقيل وهو أبين ان المعنى أنهم تمنوا أن يكونوا ترابا كالارض فيستوون هم وهي ويدل على هذا {يا ليتني كنت ترابا}.
وكذلك تسوى لو سواهم الله عز وجل فصاروا ترابا مثلها.
والقراءة الاولى موافقة لقولهم كنت ولم يقولوا كونت وروي عن الحسن في قوله تسوى بهم الأرض قال تنشق فتسوى عليهم يذهب إلى أن معنى (بهم) عليهم فتكون الباء بمعنى على كما تكون (في) بمعنى (على) في قوله عز وجل: {ولأصلبنكم في جذوع النخل}.
102 ثم قال عز وجل: {ولا يكتمون الله حديثا} فيقال أليس قد قالوا: {والله ربنا ما كنا مشركين} ففي هذا أجوبة منها أن يكون داخلا في التمني فيكون المعنى أنهم يتمنون ألا يكتموا الله حديثا فيكون مثل قولك ليتني ألقى فلانا وأكلمه وقال قتادة هي مواطن في القيامة يقع هذا في بعضها وقال بعض أهل اللغة هم لا يقدرون على أن يكتموا لأن الله عالم بما يسرون.
وقيل قولهم: {والله ربنا ما كنا مشركين} عندهم أنهم قد صدقوا في هذا فيكون على هذا {ولا يكتمون الله حديثا} مستأنفا.
103 وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} قال الضحاك أي سكارى من النوم وقال عكرمة وقتادة هذا منسوخ وقال قتادة نسخه تحريم الخمر.
يذهب إلى أن معنى سكارى من الشراب والدليل على أن هذا القول هو الصحيح أن عمر بن الخطاب رحمه الله قال أقيمت الصلاة فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقربن الصلاة سكران» وروي أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بقوم فقرأ {قل يا أيها الكافرون} فخلط فيها فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} ثم نسخ هذا بتحريم الخمر.
104 ثم قال جل وعز: {ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا} قال عبد الله بن عباس وأنس الا أن تمر ولا تجلس وروي عن ابن عباس هو المسافر يمر بالمسجد مجتازا وروي عن عائشة رحمها الله أنها حاضت وهي محرمة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت.
105 ثم قال جل وعز: {وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط} قال بعض الفقهاء المعنى وجاء أحد منكم من الغائط وهذا لا يجوز عند أهل النظر من النحويين لأن لـ (أو) معناها وللواو معناها وهذا عندهم على الحذف والمعنى وان كنتم مرضى لا تقدرون فيه على مس الماء أو على سفر ولم تجدوا ماء واحتجتم إلى الماء.
106 ثم قال جل وعز: {أو لامستم النساء} قال ابن عباس لامستم جامعتم.
ويقرأ {أو لمستم} قال محمد بن يزيد من ذهب إلى أنه الجماع فالاحسن أن يقول لمستم مثل غشيتم وهذا الفعل انما نسب إلى الرجل ومن ذهب إلى أنه دون الجماع فالاحسن أن يقول لامستم.
107 ثم قال جل وعز: {فتيمموا صعيدا طيبا} معنى تيمموا تعمدوا واقصدوا يقال تيممت كذا وتأممته إذا قصدته.
والصعيد في اللغة وجه الأرض كان عليه تراب أو لم يكن.
والدليل على هذا قوله عز وجل: {فتصبح صعيدا زلقا} وانما سمي صعيدا لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض والطيب النظيف ثم قال تعالى: {إن الله كان عفوا غفورا} لأنه قد عفا جل وعز وسهل في التيمم.
108 وقوله جل وعز {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} قال أهل التفسير يعني به اليهود لأن عندهم صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى {يشترون الضلالة} يلزمونها وقد صاروا بمنزلة المشتري لها والعرب تقول لكل من رغب في شيء قد اشتراه ومعنى {ويريدون أن تضلوا السبيل} أي يريدون أن تضلوا طريق الحق.
109 ثم قال جل وعز: {والله أعلم بأعدائكم} أي فهو يكفيكموهم.
110 ثم قال جل وعز: {وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا} قال أبو اسحاق انما دخلت الباء في {وكفى بالله} لأن في الكلام معنى الامر والمعنى اكتفوا بالله وليا واكتفوا بالله نصيرا.
111 ثم قال جل وعز: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه} يجوز أن يكون المعنى ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا وهو الاولى بالصواب لأن الخبرين والمعنيين أبي من صفة نوع واحد من الناس وهم اليهود وبهذا جاء التفسير ويجوز أن يكون المعنى وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا ويجوز أن يكون المعنى على مذهب سيبويه من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ثم حذف وأنشد النحويون:
لو قلت ما في قومها لم تيثم ** يفضلها في حسب ومبسم

قالوا المعنى لو قلت ما في قومها أحد يفضلها ثم حذف ومعنى يحرفون يغيرون ومنه تحرفت عن فلان أي عدلت عنه فمعنى {يحرفون} يعدلون عن الحق.
112 وقوله جل وعز: {ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع} روي عن ابن عباس أنه قال أي يقولون اسمع لا سمعت.
وقال الحسن أي اسمع غير مسمع منك أي غير مقبول منك ولو كان كذا لكان غير مسموع وقوله عز وجل: {وراعنا} نهي المسلمون أن يقولوها وأمروا أن يخاطبوا النبي صلى الله عليه وسلم بالاجلال والاعظام وقرأ الحسن وراعنا منونا جعله من الرعونة وقد استقصينا شرحه في سورة البقرة.
113 ثم قال جل وعز: {ليا بألسنتهم وطعنا في الدين} أي يلوون ألسنتهم ويعدلون عن الحق.
114 ثم قال جل وعز: {ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم} ومعنى انظرنا انتظرنا ومعنى سمعنا قبلنا لكان خيرا لهم أي عند الله جل وعز وأقوم أي وأصوب في الرأي والاستقامة منه.
115 ثم قال جل وعز: {ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا} ويجوز أن يكون المعنى فلا يؤمنون الا ايمانا قليلا لا يستحقون اسم الايمان.
ويجوز أن يكون المعنى فلا يؤمنون الا قليلا منهم.
116 وقوله عز وجل: {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها} روي عن أبي بن كعب أنه قال من قبل أن نضلكم اضلالا لا تهتدون بعده يذهب إلى أنه تمثيل وأنه ان لم يؤمنوا فعل هذا بهم عقوبة وقال مجاهد في الضلالة وقال قتادة معناه من قبل أن نجعل الوجوه أقفاء.
ومعنى {من قبل أن نطمس وجوها} عند أهل اللغة نذهب بالانف والشفاه والاعين والحواجب فنردها على أدبارها نجعلها أقفاء فان قيل فلم (لم) يفعل بهم هذا ففي هذا جوابان أحدهما أنه انما خوطب بهذا رؤساؤهم وهم ممن آمن روي هذا القول عن ابن عباس والقول الآخر أنهم حذروا أن يفعل هذا بهم في القيامة وقال محمد بن جرير ولم يكن هذا لأنه قد آمن منهم جماعة.
117 ثم قال جل وعز: {أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت} قال قتادة أو نمسخهم قردة وخنازير.
118 وقوله عز وجل: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} وقد قال: {إن الله يغفر الذنوب جميعا} فهذا معروف والمعنى أن يقال أنا أغفر لك كل ذنب ولا يستثنى ما يعلم أنك لا تغفر وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا إن الله يغفر الذنوب جمعيا فقال له رجل يا رسول الله والشرك فنزلت {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} قال بعض أهل اللغة معناه الا الكبائر وقيل معناه بعد التوبة.
119 وقوله عز وجل: {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء} أصل الزكاء النماء في الصلاح.
قال قتادة يعني اليهود لانهم زكوا أنفسهم فقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وكذلك قال الضحاك.
120 ثم قال جل وعز: {ولا يظلمون فتيلا} قال ابن عباس الفتيل ما فتلته بأصبعيك وقال غيره الفتيل ما في بطن النواة والنقير النقرة التي فيها والتي تنبت منها النخلة والقطمير القشرة الملفوفة عليها من خارج.
والمعنى لا يظلمون مقدار هذا.
121 ثم قال جل وعز: {أنظر كيف يفترون على الله الكذب} معنى يفترون يختلقون ويكذبون.
122 وقوله عز وجل: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت} روي عن عمر رحمه الله أنه قال الجبت السحر والطاغوت الشيطان وكذلك روي عن الشعبي وقال قتادة الجبت الشيطان والطاغوت الكاهن.
وروي عن ابن عباس أن الجبت والطاغوت رجلا من اليهود وهما كعب بن الاشرف وحيي بن أخطب والجبت والطاغوت عند أهل اللغة كل ما عبد من دون الله أو أطيع طاعة فيها معصية أو خضع له فهذه الاقوال متقاربة لانهم إذا أطاعوهما في معصية الله والكفر بأنبيائه كانوا بمنزلة من عبدهما كما قال جل وعز: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} حدثني من أثق به عن بن يونس بن عبد الاعلى عن ابن وهب عن مالك قال الطاغوت ما عبد من دون الله.
ومنه {واجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} فقلت لمالك ما الجبت فقال سمعت من يقول هو الشيطان ويدل على هذا ما حدثناه أحمد بن محمد الازدي قال حدثنا ابن أبي داود قال حدثنا الحماني قال حدثنا مروان بن معاوية وابن المبارك عن عوف عن حيان بن قطن عن قبيصة بن مخارق قال سمعت النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «العيافة والطيرة والطرق من الجبت».
123 ثم قال جل وعز: {ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا} قال قتادة هم اليهود وقال غيره يبين بهذا أنهم عاندوا لانهم قالوا لمن عبد الاصنام ولم يقر بكتاب هؤلاء أهدى من المؤمنين الذين صدقوا بالكتب.
124 وقوله جل وعز: {أولئك الذين لعنهم الله} اللعنة الابعاد أي باعدهم من توفيقه ورحمته.
125 وقوله جل وعز: {أم لهم نصيب من الملك} قيل انهم كانوا أصحاب بساتين ومال وكانوا مع ذلك بخلاء وقيل انهم لو ملكوا لبخلوا.
126 وقوله جل وعز: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة} قال الضحاك قالت اليهود يزعم محمد أنه قد أحل له من النساء ما شاء فأنزل الله عز وجل: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} فالمعنى بل يحسدون النبي صلى الله عليه وسلم على ما أحل له من النساء قال السدي وقد كانت لداود صلى الله عليه وسلم مائة امرأة ولسليمان أكثر من ذلك وقال قتادة أولئك اليهود حسدوا هذا الحي من العرب حين بعث فيهم نبي فيكون الفضل هاهنا النبوة.